من اسرار القران دكتور رضا زغلول
صفحة 1 من اصل 1
من اسرار القران دكتور رضا زغلول
[center]سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير*
هذه الآية الكريمة جاءت في مطلع سورة الإسراء, وهي سورة مكية, وآياتها مائة وإحدي عشرة(111) بعد البسملة, وقد سميت بهذا الاسم لاستهلالها بالتأكيد علي معجزة الإسراء برسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلي المسجد الأقصي في القدس الشريف, ثم العروج به ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ من المسجد الأقصي إلي سدرة المنتهي, مرورا بالسماوات السبع, حيث التقي بسكانها سماء تلو سماء, حتي شرف بالمثول بين يدي خالقه ـ
سبحانه وتعالي ـ ففرض عليه وعلي أمته خمس صلوات في كل يوم وليلة, ثم أرجع ـ صلي الله عليه وسلم ـ إلي بيت المقدس ليؤم جميع الأنبياء والمرسلين في صلاة, وليعود إلي بيته في مكة المكرمة فيجد فراشه لا يزال دافئا منذ تركه, لأن الله ـ تعالي ـ أوقف له الزمن, كما طوي مسافات الكون الشاسعة, فتمت المعجزة بغير زمان ولا مكان, والله ـ تعالي ـ قادر علي كل شيء, وعلي أن يفعل ما يشاء دون أسباب.
وقد كان في هذه الرحلة من التكريم لخاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلي الله عليه وسلم ـ ما لم ينله مخلوق من قبل, ولا من بعد.
ويدور المحور الرئيسي لسورة الإسراء حول قضية العقيدة الإسلامية, ولذلك بدأت بقول الحق ـ تبارك وتعالي: سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصا الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير( الإسراء:1).
ثم تنتقل السورة الكريمة إلي الحديث عن التوراة, ذلك الكتاب الذي آتاه الله ـ سبحانه وتعالي ـ عبده ونبيه موسي بن عمران لكي يكون هدي لبني إسرائيل فانصرفوا عنه.
ثم تمتدح سورة الإسراء القرآن الكريم, ذلك الكتاب الخاتم الذي أنزله الله ـ تعالي ـ بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله, وتعهد بحفظه فتم حفظه في نفس لغة وحيه ـ اللغة العربية ـ علي مدي يزيد علي أربعة عشر قرنا, وتعهد ربنا ـ تبارك وتعالي ـ بهذا الحفظ تعهدا مطلقا حتي يبقي القرآن الكريم حجة الله ـ تعالي ـ علي خلقه إلي قيام الساعة فتقول الآية التاسعة من هذه السورة المباركة:: إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا( الإسراء:9).
وتقرر الآيات بعد ذلك أن الله ـ تعالي ـ قد أعد للذين لا يؤمنون بالآخرة عذابا أليما, وأن الإنسان في طبعه شيء من الاندفاع والعجلة, ومن المبادرة بالدعاء بالشر قبل الدعاء بالخير, علما بأن الله ـ تعالي ـ قد فصل له كل شيء, كما تقرر الآيات المسئولية الفردية في الهدي والضلال, وذلك بقول الحق ـ تبارك وتعالي ـ: ولا تزر وازرة وزر أخري, وأن الله ـ سبحانه وتعالي ـ لا يعذب أحدا دون إنذار فقال: وما كنا معذبين حتي نبعث رسولا( الإسراء:15).
كذلك تقرر الآيات في سورة الإسراء قاعدة التبعية الجماعية في التصرفات والسلوك, وتحذر من الترف المخل الذي يؤدي إلي الفسوق, ومن ثم إلي التدمير والهلاك, كما تحذر من الإقبال علي الدنيا ونسيان الآخرة, ومن عواقب ذلك, وتدعو إلي السعي للآخرة مع الإيمان الكامل بحتمية وقوعها, مؤكدة أن الله ـ تعالي ـ يمد بعطائه الدنيوي كلا من المؤمنين والكافرين, وأن التفاضل في درجات الآخرة أكبر وأعظم من التفاضل في أمور الدنيا.
وتحذر الآيات من أخطار الشرك بالله, مؤكدة أن الواقع في هذه الكبيرة مذموم مخذول, وأن الله ـ سبحانه وتعالي ـ قد قضي بألا يعبد سواه, وتثني بعد ذلك بالحض علي بر الوالدين, وإيتاء ذوي القربي, والمساكين, وأبناء السبيل في غير إسراف ولا تبذير, وتأمربتحريم كل من قتل الذرية, والاقتراب من جريمة الزنا, والقتل بغير الحق تحريما قاطعا, كما تأمر برعاية مال اليتيم, وبالوفاء بالعهود, وبتوفية كل من الكيل والميزان,
وبالمسئولية عن الحواس, وتنهي عن الخيلاء والكبر, وتكرر التحذير من الشرك, مؤكدة أن جزاء الواقع فيه هو الخلود في جهنم مذموما مدحورا.
وتستنكر الآيات في سورة الإسراء فرية الولد والشريك لله ـ تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا ـ مبينة ما فيها من اضطراب وتهافت, وكفر وشرك, ومقررة توحيد الكون كله لله ـ تعالي ـ وخضوع كل من فيه لذات الله العلية بالعبادة والتسبيح والتقديس والتنزيه عن كل وصف لا يليق بجلاله.
ثم تنتقل الآيات إلي الحديث عن أوهام الوثنية الجاهلية المشركة حول نسبة البنات والشركاء إلي الله ـ تعالي ـ وإلي موقف كفار قريش ـ وموقف الكفار والمشركين من بعدهم في كل زمان ومكان ـ من الاستماع إلي القرآن الكريم وهم يجاهدون أنفسهم في صم آذانهم عنه, وإغلاق عقولهم عن الإنصات إلي حجيته, وصد قلوبهم عن التحرك بما نزل فيه من الحق, وصرف فطرته عن أن تستجيب لندائه الصادق.
وبعد ذلك تستعرض الآيات في هذه السورة المباركة موقف الكفار والمشركين من إنكار نبوة خاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلي الله عليه وسلم ـ وإنكار البعث, مؤكدة نزغ الشيطان بين الناس وعداوته لهم, وعلي أن الله ـ تعالي ـ هو المتصرف في شئون الخلائق بلا معقب لحكمه, وأنه ـ تعالي ـ أعلم بمن في السماوات والأرض, وقد فضل بعض النبيين علي بعض, وأن دور الرسول منحصر في التبليغ عن ربه ـ سبحانه وتعالي ـ وفي الإنذار والتبشير.
ثم تبين الآيات السبب في أن معجزات الرسول الخاتم ـ صلي الله عليه وسلم ـ لم تكن كلها من قبيل الخوارق المادية التي كذب بها الأولون, فمعجزته الخالدة هي القرآن الكريم, والخوارق المادية شهادة علي من رآها من الناس, والقرآن باق إلي ما شاء الله, كما تتناول الآيات في سورة الإسراء تكذيب المشركين لما رآه رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ في رحلة الإسراء والمعراج, ويجيء في هذا السياق طرف من قصة إبليس وإعلانه أنه سيكون حربا علي ذرية آدم, وتعقب الآيات بتخويف البشر من عذاب الله, وتذكيرهم بنعمه عليهم, وبتكريمه للإنسان, وبمصائرهم في يوم القيامة.
ويأتي في الجزء الأخير من هذه السورة المباركة استعراض كيد المشركين لخاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلي الله عليه وسلم ـ ومحاولة فتنته عن بعض ما أنزل إليه, ومحاولة إخراجه من مكة المكرمة, ولو أخرجوه قسرا قبل أن يأذن له الله ـ تعالي ـ بذلك لحل بهم العذاب والهلاك الذي حل بالأمم من قبلهم حين أخرجوا رسلهم أو قاتلوهم أو قتلوهم.
وتأمر الآيات هذا النبي الخاتم ـ صلي الله عليه وسلم ـ بالاستمرار في طريقه متعبدا لله ـ تعالي ـ بما أمر, داعيا إياه ـ سبحانه ـ أن يحسن مدخله ومخرجه, وأن يعلن مجيء الحق وظهوره, وزهوق الباطل وانحداره, مؤكدا أن هذا القرآن فيه شفاء وهدي للمؤمنين, بينما الإنسان علمه قليل, وقدراته محدودة.
وتختم هذه السورة الكريمة كما بدأت بحمد الله, وبتقرير وحدانيته( بلا شريك, ولا شبيه, ولا منازع, ولا صاحبة, ولا ولد) وتنزهه عن الحاجة إلي الولي والنصير, وهو العلي الكبير المتعال, فتقول آمرة رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ والمؤمنين به بأمر الله القائل: قل ادعو الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسني ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا* وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا( الإسراء:111,110). من ركائز العقيدة الإسلامية في سورة الإسراء:
1 ـ ضرورة تنزيه الله ـ تعالي ـ عن كل وصف لا يليق بجلاله.
2 ـ الإيمان بقدسية كل من المسجد الحرام والمسجد الأقصي, وضرورة تطهيرهما من دنس الكفار والمشركين, والمحافظة علي وجودهما بأيدي المسلمين, والدفاع عنهما بالنفس والنفيس.
3 ـ التسليم بما جاء عن رحلة الإسراء والمعراج, وما اطلع عليه المصطفي ـ صلي الله عليه وسلم ـ أثناءها من أحداث ومرائي عديدة.
4 ـ اليقين في أن الله ـ تعالي ـ هو رب السماوات والأرض ومن فيهن, وهو قيوم السماوات والأرض ومن فيهن, المهيمن علي الوجود كله, الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر, والذي يرحم من يشاء ويعذب من يشاء, وأنه ـ تعالي ـ هو السميع البصير الخبير, وهو الحليم الودود الغفور, وأنه ـ تعالي ـ ما كان معذبا أحدا حتي يبعث رسولا,
وأن الكون بجميع من فيه وما فيه يخضع له ـ سبحانه وتعالي ـ بالعبادة والطاعة والتسبيح إلا عصاة الإنس والجن.
5 ـ الإيمان بأن التوراة أنزلت بالتوحيد الكامل لله ـ تعالي ـ الذي أيد عبده ورسوله موسي ـ عليه السلام ـ بتسع آيات بينات, كفر بها فرعون وجنده فأغرقهم الله أجمعين, ولذلك فإن توحيد الله ـ تعالي ـ واجب علي كل العباد,
نزلت به كل الشرائع, ومن هنا كان الشرك بالله كفرا به, وكان من موجبات الذم والخذلان في الدنيا والعذاب في الآخرة, وبالإلقاء في جهنم باللوم والدحور, حيث لا يملك الذين أشركوا بهم كشف الضر عنهم أو تحويله.
6 ـ التصديق بأن إفساد بني إسرائيل في الأرض وعلوهم فيها هو مرتان فقط, مضت أولاهما بطردهم من جزيرة العرب, وصدق الله العظيم إذ يقول:... فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا( الإسراء:7).
[b]
هذه الآية الكريمة جاءت في مطلع سورة الإسراء, وهي سورة مكية, وآياتها مائة وإحدي عشرة(111) بعد البسملة, وقد سميت بهذا الاسم لاستهلالها بالتأكيد علي معجزة الإسراء برسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلي المسجد الأقصي في القدس الشريف, ثم العروج به ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ من المسجد الأقصي إلي سدرة المنتهي, مرورا بالسماوات السبع, حيث التقي بسكانها سماء تلو سماء, حتي شرف بالمثول بين يدي خالقه ـ
سبحانه وتعالي ـ ففرض عليه وعلي أمته خمس صلوات في كل يوم وليلة, ثم أرجع ـ صلي الله عليه وسلم ـ إلي بيت المقدس ليؤم جميع الأنبياء والمرسلين في صلاة, وليعود إلي بيته في مكة المكرمة فيجد فراشه لا يزال دافئا منذ تركه, لأن الله ـ تعالي ـ أوقف له الزمن, كما طوي مسافات الكون الشاسعة, فتمت المعجزة بغير زمان ولا مكان, والله ـ تعالي ـ قادر علي كل شيء, وعلي أن يفعل ما يشاء دون أسباب.
وقد كان في هذه الرحلة من التكريم لخاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلي الله عليه وسلم ـ ما لم ينله مخلوق من قبل, ولا من بعد.
ويدور المحور الرئيسي لسورة الإسراء حول قضية العقيدة الإسلامية, ولذلك بدأت بقول الحق ـ تبارك وتعالي: سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصا الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير( الإسراء:1).
ثم تنتقل السورة الكريمة إلي الحديث عن التوراة, ذلك الكتاب الذي آتاه الله ـ سبحانه وتعالي ـ عبده ونبيه موسي بن عمران لكي يكون هدي لبني إسرائيل فانصرفوا عنه.
ثم تمتدح سورة الإسراء القرآن الكريم, ذلك الكتاب الخاتم الذي أنزله الله ـ تعالي ـ بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله, وتعهد بحفظه فتم حفظه في نفس لغة وحيه ـ اللغة العربية ـ علي مدي يزيد علي أربعة عشر قرنا, وتعهد ربنا ـ تبارك وتعالي ـ بهذا الحفظ تعهدا مطلقا حتي يبقي القرآن الكريم حجة الله ـ تعالي ـ علي خلقه إلي قيام الساعة فتقول الآية التاسعة من هذه السورة المباركة:: إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا( الإسراء:9).
وتقرر الآيات بعد ذلك أن الله ـ تعالي ـ قد أعد للذين لا يؤمنون بالآخرة عذابا أليما, وأن الإنسان في طبعه شيء من الاندفاع والعجلة, ومن المبادرة بالدعاء بالشر قبل الدعاء بالخير, علما بأن الله ـ تعالي ـ قد فصل له كل شيء, كما تقرر الآيات المسئولية الفردية في الهدي والضلال, وذلك بقول الحق ـ تبارك وتعالي ـ: ولا تزر وازرة وزر أخري, وأن الله ـ سبحانه وتعالي ـ لا يعذب أحدا دون إنذار فقال: وما كنا معذبين حتي نبعث رسولا( الإسراء:15).
كذلك تقرر الآيات في سورة الإسراء قاعدة التبعية الجماعية في التصرفات والسلوك, وتحذر من الترف المخل الذي يؤدي إلي الفسوق, ومن ثم إلي التدمير والهلاك, كما تحذر من الإقبال علي الدنيا ونسيان الآخرة, ومن عواقب ذلك, وتدعو إلي السعي للآخرة مع الإيمان الكامل بحتمية وقوعها, مؤكدة أن الله ـ تعالي ـ يمد بعطائه الدنيوي كلا من المؤمنين والكافرين, وأن التفاضل في درجات الآخرة أكبر وأعظم من التفاضل في أمور الدنيا.
وتحذر الآيات من أخطار الشرك بالله, مؤكدة أن الواقع في هذه الكبيرة مذموم مخذول, وأن الله ـ سبحانه وتعالي ـ قد قضي بألا يعبد سواه, وتثني بعد ذلك بالحض علي بر الوالدين, وإيتاء ذوي القربي, والمساكين, وأبناء السبيل في غير إسراف ولا تبذير, وتأمربتحريم كل من قتل الذرية, والاقتراب من جريمة الزنا, والقتل بغير الحق تحريما قاطعا, كما تأمر برعاية مال اليتيم, وبالوفاء بالعهود, وبتوفية كل من الكيل والميزان,
وبالمسئولية عن الحواس, وتنهي عن الخيلاء والكبر, وتكرر التحذير من الشرك, مؤكدة أن جزاء الواقع فيه هو الخلود في جهنم مذموما مدحورا.
وتستنكر الآيات في سورة الإسراء فرية الولد والشريك لله ـ تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا ـ مبينة ما فيها من اضطراب وتهافت, وكفر وشرك, ومقررة توحيد الكون كله لله ـ تعالي ـ وخضوع كل من فيه لذات الله العلية بالعبادة والتسبيح والتقديس والتنزيه عن كل وصف لا يليق بجلاله.
ثم تنتقل الآيات إلي الحديث عن أوهام الوثنية الجاهلية المشركة حول نسبة البنات والشركاء إلي الله ـ تعالي ـ وإلي موقف كفار قريش ـ وموقف الكفار والمشركين من بعدهم في كل زمان ومكان ـ من الاستماع إلي القرآن الكريم وهم يجاهدون أنفسهم في صم آذانهم عنه, وإغلاق عقولهم عن الإنصات إلي حجيته, وصد قلوبهم عن التحرك بما نزل فيه من الحق, وصرف فطرته عن أن تستجيب لندائه الصادق.
وبعد ذلك تستعرض الآيات في هذه السورة المباركة موقف الكفار والمشركين من إنكار نبوة خاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلي الله عليه وسلم ـ وإنكار البعث, مؤكدة نزغ الشيطان بين الناس وعداوته لهم, وعلي أن الله ـ تعالي ـ هو المتصرف في شئون الخلائق بلا معقب لحكمه, وأنه ـ تعالي ـ أعلم بمن في السماوات والأرض, وقد فضل بعض النبيين علي بعض, وأن دور الرسول منحصر في التبليغ عن ربه ـ سبحانه وتعالي ـ وفي الإنذار والتبشير.
ثم تبين الآيات السبب في أن معجزات الرسول الخاتم ـ صلي الله عليه وسلم ـ لم تكن كلها من قبيل الخوارق المادية التي كذب بها الأولون, فمعجزته الخالدة هي القرآن الكريم, والخوارق المادية شهادة علي من رآها من الناس, والقرآن باق إلي ما شاء الله, كما تتناول الآيات في سورة الإسراء تكذيب المشركين لما رآه رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ في رحلة الإسراء والمعراج, ويجيء في هذا السياق طرف من قصة إبليس وإعلانه أنه سيكون حربا علي ذرية آدم, وتعقب الآيات بتخويف البشر من عذاب الله, وتذكيرهم بنعمه عليهم, وبتكريمه للإنسان, وبمصائرهم في يوم القيامة.
ويأتي في الجزء الأخير من هذه السورة المباركة استعراض كيد المشركين لخاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلي الله عليه وسلم ـ ومحاولة فتنته عن بعض ما أنزل إليه, ومحاولة إخراجه من مكة المكرمة, ولو أخرجوه قسرا قبل أن يأذن له الله ـ تعالي ـ بذلك لحل بهم العذاب والهلاك الذي حل بالأمم من قبلهم حين أخرجوا رسلهم أو قاتلوهم أو قتلوهم.
وتأمر الآيات هذا النبي الخاتم ـ صلي الله عليه وسلم ـ بالاستمرار في طريقه متعبدا لله ـ تعالي ـ بما أمر, داعيا إياه ـ سبحانه ـ أن يحسن مدخله ومخرجه, وأن يعلن مجيء الحق وظهوره, وزهوق الباطل وانحداره, مؤكدا أن هذا القرآن فيه شفاء وهدي للمؤمنين, بينما الإنسان علمه قليل, وقدراته محدودة.
وتختم هذه السورة الكريمة كما بدأت بحمد الله, وبتقرير وحدانيته( بلا شريك, ولا شبيه, ولا منازع, ولا صاحبة, ولا ولد) وتنزهه عن الحاجة إلي الولي والنصير, وهو العلي الكبير المتعال, فتقول آمرة رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ والمؤمنين به بأمر الله القائل: قل ادعو الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسني ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا* وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا( الإسراء:111,110). من ركائز العقيدة الإسلامية في سورة الإسراء:
1 ـ ضرورة تنزيه الله ـ تعالي ـ عن كل وصف لا يليق بجلاله.
2 ـ الإيمان بقدسية كل من المسجد الحرام والمسجد الأقصي, وضرورة تطهيرهما من دنس الكفار والمشركين, والمحافظة علي وجودهما بأيدي المسلمين, والدفاع عنهما بالنفس والنفيس.
3 ـ التسليم بما جاء عن رحلة الإسراء والمعراج, وما اطلع عليه المصطفي ـ صلي الله عليه وسلم ـ أثناءها من أحداث ومرائي عديدة.
4 ـ اليقين في أن الله ـ تعالي ـ هو رب السماوات والأرض ومن فيهن, وهو قيوم السماوات والأرض ومن فيهن, المهيمن علي الوجود كله, الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر, والذي يرحم من يشاء ويعذب من يشاء, وأنه ـ تعالي ـ هو السميع البصير الخبير, وهو الحليم الودود الغفور, وأنه ـ تعالي ـ ما كان معذبا أحدا حتي يبعث رسولا,
وأن الكون بجميع من فيه وما فيه يخضع له ـ سبحانه وتعالي ـ بالعبادة والطاعة والتسبيح إلا عصاة الإنس والجن.
5 ـ الإيمان بأن التوراة أنزلت بالتوحيد الكامل لله ـ تعالي ـ الذي أيد عبده ورسوله موسي ـ عليه السلام ـ بتسع آيات بينات, كفر بها فرعون وجنده فأغرقهم الله أجمعين, ولذلك فإن توحيد الله ـ تعالي ـ واجب علي كل العباد,
نزلت به كل الشرائع, ومن هنا كان الشرك بالله كفرا به, وكان من موجبات الذم والخذلان في الدنيا والعذاب في الآخرة, وبالإلقاء في جهنم باللوم والدحور, حيث لا يملك الذين أشركوا بهم كشف الضر عنهم أو تحويله.
6 ـ التصديق بأن إفساد بني إسرائيل في الأرض وعلوهم فيها هو مرتان فقط, مضت أولاهما بطردهم من جزيرة العرب, وصدق الله العظيم إذ يقول:... فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا( الإسراء:7).
[b]
مواضيع مماثلة
» سحر القران
» القران لشيخك المفضل
» القران الكريم كاملا للجوال بصوت 24 قارئ
» تفسير القران الكريم فقط ضع الماوس على الايه وستجد التفسير
» 9 معجزات من معجزات القران الكريم
» القران لشيخك المفضل
» القران الكريم كاملا للجوال بصوت 24 قارئ
» تفسير القران الكريم فقط ضع الماوس على الايه وستجد التفسير
» 9 معجزات من معجزات القران الكريم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى